وعي

منصة للتصدي للفكر الدخيل

الفضائيين المؤامرة الماسونية المشرف المقالات حركة العصر الجديد

الأنوناكي وزكريا سيتشن

الأنوناكي

عندما تُخلط الحقائق بالخرافات وربما تصل إلى الشركيات، والعلم يتصدره غير العلماء والمختصين، والنزعة الأيديولوجية تطغى على الفكر والمدخلات؛ فإن المحصلة ستكون كتابات فاسدة وروايات بليدة وحقائق مشوهة ونظريات غير علمية، ولكن هناك في الخفاء من يروج لهذه المخرجات والخزعبلات ولديه هِمّةٌ وأدوات لإيصالها إلى المكتبات فتنتشر بكل اللغات وتصبح حقيقة عند "الغوييم" والدهماء، لتكون حديث أشباه المثقفين ومشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، ورائجةً في الأفلام والألعاب الإلكترونية.

الكاتب الأمريكي زكريا سيتشن، يهودي ولد في أذربيجان أبان الحكم السوفيتي عام 1920م، ثم انتقل إلى فلسطين وبعدها سافر لدراسة الاقتصاد في لندن وأخيراً هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتوفي في نيويورك عام 2010م، وفي أثناء تنقلاته التقى بالبناؤون وغيرهم من معتنقي الفكر الجديد، ثم بدأ مشواره في الكتابة وأشتهر بمزاعمه أن أصل الإنسان كائن فضائي.

زكريا سيتشن

يعتبر سيتشن من أنصار نظرية أن الحياة على الأرض ظهرت بفعل كائنات فضائية من خلال فرضية الاتصال القديم باليوكونتانت، واختار الرواية السومرية لتأكيد فرضيته الوهمية وليؤكد صدق ما جاءت به التوراة! حول هبوط الأنوناكي من كوكب لا وجود له اسمه نيبيرو، على أرض سومر أي بلاد مابين النهرين العراق، حيث قام بالاستدلال على نظريته من خلال ترجمة برديات سومرية مكتوبة بالنقوش المسمارية، وذكر في كتاباته بأن الأنوناكي هم الآلهة الذين هبطوا على الأرض من السماء والذين ينحدرون من كوكب نيبيرو الكوكب الثاني عشر حسب زعمه الخاطئ، وكان سبب هبوطهم للأرض البحث عن غبار الذهب، وكان ذلك عبر مركباتهم الفضائية!. وبحسب الأسطورة السومرية حسب قوله، فإنهم تجولوا في الأرض وقرروا خلق البشر في العراق، وهم أنفسهم الذين بنوا الأهرامات واتخذوها قاعدة لهبوطهم على الأرض، ويقول سيتشن قام الأنوناكيين بالتزاوج مع نساء البشر والتناسل، إلا أن الطوفان أجبرهم على الرحيل عن الأرض مع نيتهم العودة لاحقًا.

من أجل ذلك الفكر والمشروع العقدسياسي قام بترجمة نصوص سومرية وأكدية اللغة إلى الإنجليزية مع تفسيرها بطريقته غير العلمية وتحريف معانيها، كذلك استند منهجه المزيف على جعل المكتشفات العلمية المعاصرة موجودة في أزمان الأنوناكي السحيقة، مثل ثقب الأوزون وسدّه عن طريق غبار الذهب وهي معالجة افترضها هو، وكذلك مزاعم الهندسة الوراثية والمركبات الفضائية وغيرها. ويرى أن هؤلاء الأنوناكي هبطوا في بلاد سومر وبنوا منازلهم وهي معابد السومريين وتزاوجوا مع البشر في أرض الرافدين وأنتجوا السومريين المتفوقين عرقيًا، وبنوا الأهرامات التي صارت قاعدة لهبوطهم على الأرض. كلّ هذا ليتوافق مع كائنات النفليم التوراتية ويطابقها مع نسل الأنوناكي المفترض والذي نتج عن تزاوج هذه الكائنات مع البشر، وقد ذُكر في سفر التكوين حول نزول إبليس ومعه الملائكة الساقطين الذين تزاوجوا بالبشريات ليتكون الخلق المتطور النفليم -أي المردة والعفاريت!-.

وحتى تكون على علم فإن سيتشن اقتصادي وليس له علم بالتاريخ والآثار ولا اللغات السومرية والسامية القديمة أو غيرها، وبما أنه تحدث عن الفضاء بجهل؛ فقد زعم في كتاباته أن المجموعة الشمسية بها 12 كوكبًا مع أن العلماء متفقين على أنها 8 كواكب بعد استبعاد الكوكب التاسع، ومع ذلك فقد تمت ترجمة كتب زكريا سيتشن إلى خمسة وعشرين لغة حول العالم!.

بعض كتب زكريا سيتشن

وأخيراً

فقد تنبأ سيتشن أن الأنوناكيين سوف يعودون إلى الأرض في عام 2012م، ضمن تنبؤات مستقبلية كثيرة لم يحصل منها شيء؟!، إضافة إلى أن الأوساط العلمية رفضت فرضياته غير الدقيقة التي تصنف أنها غير علمية ولا يوجد عليها دليل علمي واحد، بل إن تفسيراته للكتابات السومرية وغيرها جانبت الصواب وهي من نسج خياله وأقرب لفكر وعقيدة وطرح سياسي وأيديولوجي بحت.

المريب غير المستغرب للأسف، أنه ترك بصمة بالغة تُعبِّر عن الخيال العلمي وتصفُّ في مبالغات نظرية المؤامرة، ودخلت ببراعة هوليوود وعالم الألعاب الإلكترونية وكذلك محتوى وثرثرت رواد التواصل الاجتماعي، حتى أكتسح الساحة الشعبية الشرقية والغربية في حين لفظته المجالات العلمية والأكاديمية إلا بعض الانتهازيين والباطنيين حيث وجدوا في الأنوناكي بديلاً للعالم الموازي – الجن والشياطين- وهذا يخدم مصالح حركة العصر الجديد والماسونية ومن خلفهم.

مشرف منصة وعي