كان التَّأويلُ الباطِنيُّ هو الأداةَ الأساسيَّةَ التي اعتَمَدَها الإسماعيليُّونَ -مَعَ غُلوِّهم في شَأنِ الإمامةِ- في عَدَدٍ من مُعتَقداتِهم الشَّاذَّةِ؛ فالتَّأويلُ الخاطئُ لنُصوصِ القُرآنِ والسُّنَّةِ أدَّى إلى حُصولِ مُعتَقَداتٍ وتَصَوُّراتٍ ضالَّةٍ بلا شَكٍّ.
قال الغَزاليُّ: (أمَّا الباطِنيَّةُ فإنَّما لُقِّبوا بها لدَعواهم أنَّ لظَواهِرِ القُرآنِ والأخبارِ بَواطِنَ تجري في الظَّواهِرِ مَجرى اللُّبِّ مِنَ القِشرِ، وأنَّها بصُوَرِها توهِمُ عِندَ الجُهَّالِ الأغبياءِ صوَرًا جَليَّةً، وهي عِندَ العُقَلاءِ والأذكياءِ رُموزٌ وإشاراتٌ إلى حَقائِقَ مُعيَّنةٍ، وأنَّ مَن تَقاعد عَقلُه عن الغَوصِ على الخَفايا والأسرارِ والبَواطِنِ والأغوارِ وقَنِعَ بظَواهِرِها مُسارِعًا إلى الاغتِرارِ كان تَحتَ الآصارِ والأغلالِ مُعَنًّى بالأوزارِ والأثقالِ) .
وقال الشَّهرَستانيُّ: (أشهَرُ ألقابِهم: الباطِنيَّةُ، وإنَّما لَزِمَهم هذا اللَّقَبُ لحُكمِهم بأنَّ لكُلِّ ظاهِرٍ باطِنًا، ولكُلِّ تَنزيلٍ تَأويلًا) .
وقال الدَّيلَميُّ: (لُقِّبوا بالباطِنيَّةِ؛ لأنَّهم يَنسُبونَ لكُلِّ ظاهِرٍ باطِنًا، ويَقولونَ: إنَّ الظَّاهِرَ بمَنزِلةِ القُشورِ، والباطِنَ بمَنزِلةِ اللُّبِّ المَطلوبِ) .
وقال يَحيى العَلَويُّ: (لُقِّبوا بالباطِنيَّةِ لدَعواهم أنَّ لظَواهِرِ القُرآنِ والأخبارِ بَواطِنَ تجري في الظَّواهِرِ مَجرى اللُّبِّ مِنَ القِشرِ، واعتَقدوا أنَّه مَنِ ارتَقى إلى عِلمِ الباطِنِ انحَطَّ عنه التَّكليفُ واستَراحَ منه، وأنَّ الجُهَّالَ هم المُنكِرونَ للباطِنِ) .